الخميس 21 نوفمبر 2024 01:23 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

ما سبب تحذيرات ودعوات السعودية ودول خليجية مواطنيها لمغادرة لبنان ومنع السفر إليها؟

الثلاثاء 8 أغسطس 2023 01:45 صـ 22 محرّم 1445 هـ
السفارة السعودية في بيروت
السفارة السعودية في بيروت

تفاجأ اللبنانيون مساء الجمعة الفائت ببيان صادر عن السفارة السعودية في بيروت، يدعو المواطنين السعوديين إلى الابتعاد عن المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة ومغادرة لبنان فوراً.

بيانٌ تلته بيانات خمسة من دول مجلس التعاون الخليجيّ الأخرى، وإن تفاوتت محتوياتها ولهجاتها.

ففيما جدّدت كل من السعودية والإمارات والبحرين الطلب من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان، دعت قطر والكويت وعمان مواطنيها إلى توخي الحذر والابتعاد عن المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة، من دون الإشارة إلى منعهم من السفر إلى لبنان.

وفي تقرير لموقع بي بي سي نيوز عربي، قال إن "الملفت أن البيانات صدرت بعد توقف الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الواقع قرب مدينة صيدا جنوب لبنان، والتي دامت أياماً عدة على خلفية مقتل عنصر في تنظيم إسلامي أدى إلى اندلاع الاشتباكات".

تلك الاشتباكات خلّفت 13 قتيلاً وعدداً من الجرحى من بينهم جنود من الجيش اللبناني، كانوا يتمركزون على نقاط تفتيش ثابتة عند مداخل المخيم.

لكن الاشتباكات توقفت صباح الأربعاء الماضي، بموجب هدنة اتفقت عليها هيئة العمل الفلسطيني المشترك، أما البيان السعودي فصدر مساء الجمعة، أي بعد أكثر من 48 ساعة من اتفاق الهدنة.

فأي مناطق نزاع كانت تقصدها السفارة السعودية في لبنان مع توقف الاشتباكات؟

سؤال آخر أثار الاستغراب في الأوساط اللبنانية يتعلق بعدد السعوديين في لبنان، وهو قليل جداً. فالسلطات السعودية لا تسمح بسفر مواطنيها إلى لبنان منذ سنوات إلا بموجب تصريح مسبق، وغالباً ما يأتي الجواب عليه من السلطات بالرفض.

والسعوديون الموجودون في لبنان، إما موظفو السفارة السعودية لدى بيروت، وأفراد عائلاتهم، وإما موظفو شركات سعودية من بينها الخطوط الجوية السعودية، والتي اختطف أحد موظفيها في أواخر شهر أيار/مايو الماضي من قبل عصابة طالبت بفدية مالية.

غير أن القوى الأمنية اللبنانية تمكّنت حينها من ملاحقة أفراد العصابة وتوقيف بعضهم، ومن تحرير المواطن السعودي عند الحدود اللبنانية السورية.

وهناك سعوديون يأتون إلى لبنان من دون الحصول على تصريح من بلدهم، وذلك عبر السفر إلى بلد ثان قبل الوصول إلى لبنان.

الإجراءات الخليجية المستجدة تطرح تساؤلات عدة في الأوساط اللبنانية، لا سيما أن البلاد تعيش موسماً سياحياً واعداً، إذ يملأ اللبنانيون والمغتربون والسياح العرب والأجانب المقاهي والفنادق والشواطئ والنوادي الليلية.

وتتراوح نسب إشغال الفنادق في لبنان بين 50-60 بالمئة بحسب المناطق اللبنانية.

وفي جولة صغيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن ملاحظة أنها تضج بفيديوهات تتغنى بالسهر في لبنان والأماكن السياحية والطبيعية فيه، والتي تلقى ترويجاً غير مسبوق من قبل مؤثرين لبنانيين وغير لبنانيين على حد سواء.

وضعٌ يتعارض مع المخاوف التي عبّرت عنها دول مجلس التعاون الخليجي، ما دفع برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، إلى إصدار بيان يوم السبت الماضي أكد فيه أن الوضع الأمني في لبنان لا يستدعي الهلع والقلق.

الجهود والمواقف اللبنانية لاحتواء تداعيات البيانات الخليجية لم تتوقف.

يوم الإثنين، عقد وزير الداخلية والبلديات اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، مؤتمراً صحافياً أعقب اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي اللبناني.

وقال إن حرص لبنان على العرب الموجودين على الأراضي اللبنانية لا يقل عن حرصه على اللبنانيين، وإن القوى الأمنية اتخذت كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على أمن اللبنانيين والعرب في البلاد، معتبراً أن لبنان ليس صندوق بريد ولن يكون مسرحاً لتوجيه الرسائل.

الوزير اللبناني جدّد رفضه لأي دعم للتنظيمات المسلّحة أو المتطرفة على الأراضي اللبنانية، مع التشديد على ملاحقة ومحاسبة أي مجرم ومن ضمنهم مجرمو المخدرات والكبتاغون.

على الجانب الخليجي، وفي تصريح خاص بموقع بي بي سي نيوز عربي، أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون القنصلية والإدارية في مملكة البحرين، السفير محمد علي بهزاد، أن "التحذيرات الأخيرة التي تمت إعادة نشرها من قبل وزارة الخارجية البحرينية تأتي تأكيداً على ضرورة التزام المواطنين كافة بالبيانات الصادرة عن الوزارة مسبقاً حول عدم السفر نهائياً إلى لبنان ودعوتها المسبقة لهم إلى مغادرة الأراضي اللبنانية نظراً للأوضاع المتوترة وذلك لحمايتهم من التعرّض لأي مخاطر، وحفاظاً على سلامة ومصالح المواطنين البحرينيين في الخارج".

وفي حديث للسفير السعودي لدى لبنان أمام وفد لبناني حزبي زاره في السفارة، قال السفير وليد البخاري إن "دعوة السعوديين لمغادرة لبنان أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة وأن المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرّط بهذا الموضوع"، لافتاً إلى أن "المملكة كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان وأن الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصّل اللبنانيون إلى حلّ لأزمتهم".

الكاتب في صحيفة اليوم السعودية سالم اليامي، قال في مقابلة مع الموقع ذاته، إن البيانات الخليجية تأتي من منطلق خوف السلطات الخليجية على مواطنيها من الوضع الأمني في لبنان خاصةً أن لا أفق جدياً في معالجته ومعالجة أسباب تدهوره، سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية أم مالية.

وقال إنه يتفهّم إصدار هذه البيانات حتى وإن كانت أعداد الخليجيين عموماً، والسعوديين خصوصاً، قليلة بسبب حظر السفر، ذلك أن قرارات مماثلة تأتي بناء على مخاوف أو على معلومات استخباراتية، من دون أن يستبعد حصول جولات اشتباك جديدة في مخيم عين الحلوة أو في محيطه.

وعمّا إذا كانت التحذيرات أمنية بحتة أم سياسية بهدف الضغط على المسؤولين اللبنانيين، قال اليامي لبي بي سي نيوز عربي إنه يضعها في خانة الدوافع الأمنية، لكنه أشار في الوقت عينه إلى أن الأضرار التي لحقت بالعلاقة اللبنانية السعودية كثيرة وتفاقمت في السنوات الأخيرة وهي آخذة في التدهور.

وفي هذا الإطار، لم يستبعد الكاتب السعودي أن تعمد السفارة أو أي كيان سعودي آخر على الأراضي اللبنانية إلى تقليص عدد موظفيه، إذ لا مؤشر واضحاً برأيه على خروج هذه العلاقة من دائرة عدم الثقة، بحسب تعبيره.